فتح نيوز|
بقلم: د. رمزي عودة
كما نجح السيد الرئيس محمود عباس في إحداث اختراق نوعي في الموقف الدولي من القضية الفلسطينية، فإنه قد نجح أيضا في ضمان استمرار مساندة الموقف العربي لصالح الثوابت الفلسطينية. ويبدو أن الصمود التاريخي للقيادة الفلسطينية في وجه الرئيس الأميركي السابق ترامب، ومنعه من فرض الاعتراف الفلسطيني بصفقة القرن كما يسميها ترامب نفسه، قد أقنع العالم أجمع بإصرار الفلسطينيين على الحصول على حقوقهم السياسية والمدنية دون تفريط.
في هذه الأوقات، بدأنا نستشعر تغير الموقف الأميركي الداعم للحقوق الفلسطينية سواء في موضوع الاستيطان أو اللاجئين أو التسوية السياسية، كما بدأنا نلاحظ تغير الموقف العربي والخليجي لصالح الحقوق الوطنية، ودعم القيادة الفلسطينية في موقفها الصارم تجاه عدم التفريط بهذه الحقوق، فقد أدانت الإمارات العربية توسع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستقبلت المسؤولين الفلسطينيين في زيارة يمكن وصفها بالتاريخية. كما طالبت مصر بضرورة وقف الاستيطان لأنه ينهي حل الدولتين، وفي نفس السياق، يظهر أن الحل الأحادي الذي تحاول فرضه إسرائيل لن يكون مقبولا عربيا ودوليا. بل على العكس، سيؤدي الى تدهور مكانة اسرائيل في المنطقة وفي العالم أجمع.
وتفرض هذه المتغيرات على الفلسطينيين قيادة وشعبا ضرورة استثمارها والبناء عليها لصالح القضايا الوطنية. وفي السياق، فإن الخطاب السياسي الفلسطيني الذي وصم الاحتلال الاسرائيلي بأنه دولة للاحتلال، والاضطهاد، والأبارتهايد، قد بات قريبا من نيل المكاسب السياسية والقدرة على تغيير الرأي العام الدولي لصالح القضية الفلسطينية؛ وهو ما شهدناه ونشهده باستمرار في المجتمعات الأميركية والأروربية التي تصف إسرائيل بأنها دولة احتلال وفصل عنصري، وتدعو بالمقابل الى مقاطعة إسرائيل وعزلها.
وفي هذه الموضوعة، فان الخطاب السياسي الفلسطيني عليه أن يركز في الفترة المقبلة على المطالبة بفرض عقوبات على إسرائيل من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، حيث إن فرض هذه العقوبات حتى ولو كانت شكلية ستدفع الخارطة السياسية في إسرائيل الى إعادة التموضع والتشكل نحو الاعتدال ووقف الاسيتطان.
وفي السياق، فإن هنالك اتجاها متناميا في الحزب الديمقراطي يقوده ساندرز، يؤيد مثل هذه الاطروحات، كما أن جيلا يهوديا جديدا في الولايات المتحدة سواء في “الجي ستريت” أو في “إيباك” بات ينظر الى مسألة فرض عقوبات على إسرائيل بأنها الحل أمام التعنت الاسرائيلي تجاه العملية السلمية.
وتبقى مسألة وضع خطة فلسطينية وعربية من أجل تحفيز الدول والمنظمات على فرض عقوبات على إسرائيل هي المطلوبة في الوقت الحاضر، وسيعتمد نجاح هذه الخطة على حجم هذه العقوبات والدول التي ستشارك في فرضها، ولكنها في المحصلة النهائية ستكون هي الوسيلة الكفيلة بإنهاء الاحتلال في ظل تنامي المقاومة الشعبية السلمية الفلسطينية وتغير المناخ الدولي لصالح القضية الوطنية.