فتح نيوز|
طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” للدفاع عن حقوق الإنسان المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق في ارتكاب السلطات الإسرائيلية جريمتين ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين، والمتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، وذلك بسبب سياسة الهيمنة التي تفرضها على الفلسطينيين والانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب بحقهم في الأراضي المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
ويعرض التقرير الذي أصدرته المنظمة الحقوقية، اليوم الثلاثاء، بعنوان “تجاوَزوا الحد: السلطات الإسرائيلية وجريمتي الفصل العنصري والاضطهاد”، معاملة إسرائيل للفلسطينيين، والواقع الحالي إذ توجد سلطة واحدة ( الحكومة الإسرائيلية) التي تحكم المنطقة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، حيث تسكن مجموعتان متساويتان في الحجم تقريبا، وتمنح هذه السلطة بشكل ممنهج امتيازات لليهود الإسرائيليين بينما تقمع الفلسطينيين، ويمارَس هذا القمع بشكله الأشدّ في الأراضي المحتلة.
وقال المدير التنفيذي في المنظمة كينيث روث: “لقد حذّرتْ أصوات بارزة طوال سنوات من أن الفصل العنصري سيكون وشيكا إذا لم يتغير مسار الحكم الإسرائيلي للفلسطينيين. وتُظهر هذه الدراسة التفصيلية أن السلطات الإسرائيلية أحدثت هذا الواقع، وترتكب اليوم الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد”.
والنتائج التي تبيّن الفصل العنصري والاضطهاد لا تُغيّر الوضع القانوني للأراضي المحتلة، المكونة من الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وغزة، كما لا تغير واقع الاحتلال.
وأشار التقرير الصادر في 204 صفحات، إلى أنه بعد أن كان مصطلح “أبارتهايد” أو الفصل العنصري قد صيغ في سياق متصل بجنوب أفريقيا، أصبح اليوم مصطلحا قانونيا عالميا، ويشكل الحظر على التمييز المؤسسي والقمع الشديدين والفصل العنصري مبدأ أساسيا في القانون الدولي.
وتابع: “الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها” لسنة 1973 (اتفاقية الفصل العنصري) و”نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية” لسنة 1998 (نظام روما الأساسي) يُعرِّفان الفصل العنصري باعتباره جريمة ضد الإنسانية تتكون من ثلاثة عناصر أساسية: نية إبقاء هيمنة جماعة عرقية على أخرى، وسياق من القمع الممنهج من الجماعة المهيمنة ضد الجماعة المهمشة، والأفعال اللاإنسانية.
واليوم، تُفهم الإشارة إلى الجماعة العرقية على أنها لا تتناول المعاملة على أساس السمات الوراثية فحسب، بل أيضا على أساس النسب والأصل القومي أو الإثني، على النحو المحدد في اتفاقية التمييز العنصري. تطبق هيومن رايتس ووتش هذا الفهم الأوسع للعرق.
وأوضح أن الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الاضطهاد، كما يعرّفها نظام روما الأساسي والقانون الدولي العرفي، تتكون من الحرمان الشديد من الحقوق الأساسية لمجموعة عرقية، أو إثنية، أو غيرها بقصد تمييزي.
ولقد وجدت “هيومن رايتس” أن عناصر الجريمتين تجتمع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كجزء من سياسة حكومية إسرائيلية واحدة. تتمثل هذه السياسة في الإبقاء على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل والأراضي المحتلة. تقترن في الأراضي المحتلة بقمع ممنهج وأعمال لاإنسانية ضد الفلسطينيين القاطنين هناك.
وبناء على سنوات من التوثيق الحقوقي، ودراسة الحالات، ومراجعة وثائق التخطيط الحكومية، وتصريحات، ومصادر أخرى، قارنت المنظمة السياسات والممارسات تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وإسرائيل بتلك المتعلقة باليهود الإسرائيليين الذين يعيشون في نفس المناطق، وراسلت الحكومة الإسرائيلية في يوليو/تموز 2020 طالبة منها عرض وجهة نظرها بشأن هذه القضايا، لكنها لم تتلق أي رد.
وأوضح أنه السلطات الإسرائيلية في مختلف أنحاء إسرائيل والأراضي المحتلة سعت إلى زيادة الأراضي المتاحة للبلدات اليهودية وتركيز معظم الفلسطينيين في مراكز سكانية مكتظة، وتَبنّت سياسات للتخفيف مما وصفته علنا بأنه “تهديد” ديموغرافي من الفلسطينيين. في القدس، على سبيل المثال، تحدد خطة الحكومة للبلدية، بما يشمل الأجزاء الغربية وتلك المحتلة الشرقية من المدينة، هدف “الحفاظ على أغلبية يهودية متينة في المدينة”، بل وتحدد النسب الديمغرافية التي تأمل في الحفاظ عليها.