فتح نيوز|
بقلم: أرون ميلر
صائب عريقات آمن كثيرا بما كان يقوم به، وأعتقد حقيقة أنه إذا ما سألتني عن جميع المفاوضين الفلسطينيين الذين تعاملت معهم في كل الإدارات الديمقراطية والجمهورية، فإن صائب آمن بشكل عميق وكان أكثر التزاما بالعملية لتحقيق ما كان يؤمن أنه سلام عادل ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أكثر من المفاوضين الفلسطينيين الآخرين الذين تعاملنا معهم.
بطريقة ما لقد علم أكثر عن المفاوضات وفهم التاريخ والمنطق وكان على معرفة بالنصوص.
بالعودة إلى مفاوضات كامب ديفيد، إن حقيقة تمكنه من اللغة الإنجليزية جعله ذخرا هاما جدا في الجانب الفلسطيني، لقد كان مدعوما من قبل وحدة دعم المفاوضات التي كانت مليئة بالمحامين والمحللين والمفاوضين الموهوبين.
ولكن صائب كان بطرق مختلفة لا يمكن الاستغناء عنه، أعتقد أن الرئيس ياسر عرفات فهم ذلك واعترف بذلك، فلم يقم أحد بعمله مثل صائب عريقات ولم يفهم أحد تفاصيل المفاوضات مع الإسرائيليين مثل صائب عريقات.
ويمكنني أن أقول أن لا أحد آمن بالبعد الإنساني للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي مثل صائب، لقد أرسل 3 من أطفاله ضمن برنامج بذور السلام وهي مؤسسة جمعت شابات وشبانا فلسطينيين وإسرائيليين بالولايات المتحدة الأميركية للحديث عن التعايش وحل الصراع، هذا بحد ذاته كان التزاما.
لم يسع أبدا إلى تبرير العنف، لقد آمن بعمق بوجود طريق آخر، وللأسف فإنه لن يرى ما كان يأمله وهو دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في إطار سلام حقيقي مع إسرائيل.
لقد التقيت صائب كثيرا وزرته في منزله وقد زارني في منزلي، لقد كان هناك دائما بعد آخر لعلاقتي مع صائب، ولم أكن الوحيد فهناك أيضا آخرون في الجانب الأميركي الذين سيقولون لك إنهم كانوا من ناحية محبطين جدا من صائب ولكن من ناحية أخرى كانت هناك عاطفة معينة وعلاقة شخصية تفوقت على هذا الإحباط.
لا أستطيع أن أحصي عدد المرات التي كنا نصيح فيها على بعضنا، على مدار 20 عاما، ربما كنت قد صرخت في صائب لأنه بدا لي قانونيا جدا ومتمسكا جدا بالدفاع عن المواقف الوطنية الفلسطينية.
صائب لم يكن ثريا ولم يكن له اتباع مسلحون ولم يمضِ أحكاما بالسجون الإسرائيلية ولكنه كان ذكيا وذا معرفة بالمفاوضات ومتمكنا من اللغة الإنجليزية ومدافعا مستمرا عن المواقف الفلسطينية وهو ما جعله بطرق متعددة أكثر قوة من الآخرين.
أنت لا تعرف أبدا ما في قلب المرء ولماذا يقوم بأمور بالطريقة التي قام بها ولكنني رأيت صائب وتعاملت معه لفترة طويلة جدا إلى درجة تمكنني معرفة من هو وما الذي أراده ولماذا قام بما قام به.
نحن نفتقده، لا توجد مفاوضات وإذا ما كانت ستجري مفاوضات حول قضايا الحل النهائي وهي القدس والحدود واللاجئين والأمن والمستوطنات، فإنه ستكون هناك حاجة إلى شخص مثل صائب في الجانب الفلسطيني يقوم بعمله ويعرف تفاصيل المفاوضات ومفاوض قادر.
* المسؤول السابق وعضو فريق السلام الأميركي