فتح نيوز|
بقلم: يحيي رباح
كل عام، يطل علينا شهر تشرين الثاني/نوفمبر، بوجه مفجوع متكرر من فداحة الظلم الذي تعرضنا له كشعب فلسطيني، ابتداء من يومه الثاني، يوم الوعد المشؤوم، الذي ارتبط باسم شخص هو بلفور الذي أصدر وعده المشؤوم بذبحنا نحن الفلسطينيين لصالح خرافة ادعتها الحركة اليهودية الصهيونية، بأنها هي وليس أحدا سواها، صاحبة الحق في فلسطين، وكان ذلك الرجل بلفور وزير خارجية الدولة الاستعمارية الأولى في العالم وهي بريطانيا التي فرضت انتدابها على فلسطين بعد سقوط الامبراطورية العثمانية حتى تحول الوعد الذي أصدره من لا يملك الحق لمن لا يستحق، وأن تتجسد الخرافة لحقيقة قوية، وأن تفوز الخرافة اليهودية الصهيونية بالجائزة، وأن يصدر الأطلس العالمي خاليا من اسم فلسطين، وأن يكسب بلفور الملايين من الجنيهات يعطيها له المالي البريطاني اليهودي (روتشيلد) لكي يكون قادرا على تسديد ديونها الضخمة بسبب خسائرها في لعب القمار التي وصلت إلى حد الادمان، من كثرة احتقارها لزوجها بلفور الذي كان يسدد عن زوجته تلك الديون ليشعره ذلك أنه أهل ليكون زوجها (هكذا أخبرني ثلاثة شباب تعرفت بهم في اسوان في الستينيات، كانوا في طريقهم إلى السودان لتقديم مشروع لطرق مواصلات في السودان، وأن مشروعهم يمكن أن يفوز إذا استوفوا شروط تقديمه).
منذ عام 1917 يمر علينا اليوم الثاني من نوفمبر بوجه متجهم، يذكرنا بأن القوى العظمى يمكن أن ترتكب أفظع الأخطاء والحماقات ضد الشعوب الصغيرة مهما كانت جميلة ومبهرة، ولا يتوقف شهر نوفمبر عند هذا الوعد الذي منذ صدوره لا يزال ينزف في قلوبنا نحن الفلسطينيين دما وقيحا وصديدا، بألوان وأنواع مختلفة، ففي شهر نوفمبر استشهد أبرز قادتنا في العصر الحديث وهو ياسر عرفات، ومن يومها تتوالى على حكم إسرائيل نماذج مهينة من البشر، فما أن سقط نتنياهو حتى صعد بينيت، ولا نعلم من يأتي بعده حين يسقط قريبا، ولكن يظل واضحا، تشرين له وجه متجهم، وذكريات فادحة، لكن هذا الشعب الفلسطيني الذي يحتفل هذه الأيام بذكرى إعلان الاستقلال ما زال هو اللاعب الخارق الذي يصمد فوق المنصة، ورئيسنا ورأس شرعيتنا أبو مازن، أعلن منذ أيام في تشرين نفسه خارطة طريق، شرحها وحددها وأوجزها في نقاط سهلة الفهم:
أولا: غير ممكن أن يظل الاستعمار الإسرائيلي لأرضنا مستمرا إلى الأبد.
ثانيا: غير ممكن أن نظل متمسكين باتفاقات أو صيغ لا تعترف بها إسرائيل.
ثالثا: ليتحمل المجتمع الدولى كله، أسلوبه العجيب في إصدار قرارات لا ينفذها، معطيا الفرصة تلو الأخرى لإسرائيل التي تجرأ رئيس وزرائها الحالي نفتالي بينيت أن يقول لأميركا التي لا يستطيع أن يعيش دونها دقيقة واحدة منذ قيام إسرائيل حتى الآن!!! فأميركا أعلنت على لسان رئيسها جو بايدن، وعلى لسان إدارته، أنه لا حل ممكنا سوى حل الدولتين، وأميركا حذرت من الاستيطان واعتبرته غير شرعي، وأميركا رفضت إعلان إسرائيل أن ست منظمات مدنية فلسطينية تعمل في مجال حقوق الإنسان هي منظمات إرهابية، ولكن إسرائيل تعلن غير ذلك، بل إنها رافضة تنفيذ القرار الأميركي بفتح قنصلية لها في القدس الشرقية، من أين جاءت هذه الجرأة لنفتالي بينيت، أم أن المجرم الذي لا يعاقب يصدق نفسه ويواصل الجريمة؟؟